فتفجيرات الخميس الماضي في العاصمة البريطانية لندن حملت رسالة خاصة لان الاهابيين اردوا افهام قادة مجموع الدول الصناعية الثماني ان اوروبا في مرمى العمليات الارهابية وان اية منطقة بالعالم ليست بمكان آمن بالنسبة للاوروبيين.
وبغض النظر عن ان هذه التفجيرات المروعة ابرزت وحشية وعنف الارهابيين الا انها في نفس الوقت اثبتت ان اوروبا وامريكا كذلك يتحملان مسؤولية مثل هذه الاعمال الارهابية.
والسبب هو ان امريكا والدول الاوروبية كانوا في مرحلة سابقة وخاصة ابان فترة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي السابق بحاجة الى عناصر تحمل ايديولوجية خاصة تمنع انتشار الشيوعية في العالم.
فدعم مجموعات دينية كالتي تعمل مثل الخلايا النائمة المرتبطة فيما بينها في انحاء العالم كانت احد الاخطاء التي ارتكبتها امريكا والغرب.
فهذه المجموعات الارهابية الخطيرة كانت في الحقيقة جزءا من المخطط الامريكي والغربي للسيطرة على المنطقة والهيمنة على الشرق الاوسط.
ومن الطبيعي فان هذه المجموعات التي انشئت في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي لمواجهة الافكار الشيوعية للاتحاد السوفيتي السابق تحولت الآن الى عدو حقيقي للغربيين.
فهذه المجموعات الارهابية ومن اجل بلوغ اهدافها المشؤومة لا تتورع عن ارتكاب اية جريمة , فاليوم استهدفوا لندن وغدا يستهدفون عاصمة اوروبية اخرى من اجل جعل العالم الغربي يعيش في اجواء مرعبة.
ومن المؤكد فان امريكا والغرب اذا كانا صادقين في نواياهما في اجتثاث الارهاب فانه هناك طرقا ايسر لهذا الغرض وليست هناك حاجة الى حشد الجيوش واشعال حروب واحتلال بلدان اخرى.
فشعوب العالم كافة تتساءل حاليا اذا كانت امريكا والغرب يعتزمان محاربة الارهاب فلماذا يسمحان لعناصر القاعدة وتنظم المجرم الاردني ابو مصعب الزرقاوي حرية الحركة لابادة الشعب العراقي الاعزل.
فهل ان امريكا والغرب عاجزان فعلا عن القاء القبض على اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة ومساعده ايمن الظواهري؟.
ومن البديهي فان اعتقال زعماء الارهاب ليس عملا شاقا ولكن يبدو ان قادة امريكا والغرب يرغبون في ان تبقى شعوبهم تعيش دوما في حالة خوف وذعر من قضية خيالية وغامضة باسم الارهاب.
ومن هذا المنطلق فان قادة الغرب اذا كانوا يريدون في الحقيقة القضاء على ظاهرة الارهاب البغيضة فان عليهم التعاون بشكل صادق مع مختلف دول العالم التي تعاني من الارهاب.
فالقضاء على الارهاب يستلزم اعادة النظر في القضايا الاساسية للدول النامية والفقيرة في العالم لان الفقر وكذلك وجود افكار ظلامية تخص بعض الدول العربية فقط هما عاملان يساهمان في استفحال ظاهرة الارهاب.
ويتعين على الغرب ان يعيد النظر بسياسته تجاه دول الشرق الاوسط ويعرف اين تقع بؤر تفريخ الارهاب ولماذا يتكاثر الارهابيون في الدول العربية ذات الانظمة الدكتاتورية بالذات؟.
ومن المؤكد فانه اذا تم تقصي جذور ظاهرة الارهاب المشؤومة من وجهة نظر علم الاجتماع وبعيدا عن المواقف السياسية , فان ايجاد حلول لاستئصال هذه الظاهرة سيصبح امرا يسيرا.
واذا لم يحاول الغرب التصدي لظاهرة الارهاب والتي ستتوسع في المستقبل , بشكل جذري وعلمي , ولم يفصل طريقه في التصدي لهذه الظاهرة عن امريكا , فان ايا من رعايا الدول الغربية لن يكون في مامن في المستقبل المنظور.
فعلى العالم الغربي ان يميز في نظرته للتكتلات العالمية والاقليمية بين الدول التي كانت ضحية للارهاب والدول التي تروج للافكار والمفاهيم الظلامية والارهاب والعنف وتكفير الآخرين.
وفي الختام فان افضل تجربة يستطيع العالم الغربي الاستفادة منها في هذا المجال هي المواقف الانسانية لزعماء الشيعة في العراق الذين لا يعطون اي مبرر لقتل الناس الابرياء في حين ان المذاهب الاخرى لاتهتم مطلقا بالجانب الانساني والوجداني ولا يرتدع اتباعها عن القيام باية جريمة من اجل تحقيق مآربهم المشؤومة./انتهى/
حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تعليقك